نموذج لمشكلة ال "بدون جنسية"
المصدر : البديل
مشكلة "البدون جنسية" في سيناء، وتحديدا
بين أبناء قبيلة العزازمة الموجودين في مناطق القصيمة، ووادى الجايفة، والكونتلا حيث
يعيش أكثر من ألفى من أبناء قبيلة العزازمةبدون
جنسية أو أوراق رسمية تثبت أنهم مصريون أو فلسطينيون أو اردنيون، يحملون فقط
شهادات مكتوب عليها "غير معين الجنسية".
بدون جنسية
بدون جنسية
عودة سويلم واسرته وثال لمشكلة ال "بدون جنسية"
كان عودة سويلم يعد الشاى لضيوفه، ويمر عليهم واحدا تلو الأخر ليملأ أكوابهم الفارغة للمرة الثانية أو حتى الثالثة استعدادا لجلسة قد تستمر لساعات داخل "مقعد" منزله البدوي في منطقة القسيمة الحدودية. عاد سويلم، 30 سنة، للجلوس بجواري ثم أشار إلى طفلين يلعبان خارج المقعد، وقال: "دول أولادي وحتى اليوم لا استطيع ان استخرج لهم شهادات ميلاد حتى والدي الذى توفى منذ سنوات لم نستخرج له شهادة وفاة". يصمت عودة ابن قبيلةالعزازمة، للحظات ثم يقول: "أنا نفسى لا أحمل إلا هذه الورقة المكتوب بها أنى غير معين الجنسية".
كان عودة سويلم يعد الشاى لضيوفه، ويمر عليهم واحدا تلو الأخر ليملأ أكوابهم الفارغة للمرة الثانية أو حتى الثالثة استعدادا لجلسة قد تستمر لساعات داخل "مقعد" منزله البدوي في منطقة القسيمة الحدودية. عاد سويلم، 30 سنة، للجلوس بجواري ثم أشار إلى طفلين يلعبان خارج المقعد، وقال: "دول أولادي وحتى اليوم لا استطيع ان استخرج لهم شهادات ميلاد حتى والدي الذى توفى منذ سنوات لم نستخرج له شهادة وفاة". يصمت عودة ابن قبيلةالعزازمة، للحظات ثم يقول: "أنا نفسى لا أحمل إلا هذه الورقة المكتوب بها أنى غير معين الجنسية".
البحث عن العزازمة
شهر كامل من الاتصالات والاستفسارات
عنالعزازمة،ومدى إمكانية الوصول إليهم .. المعلومات شحيحة، والوصول إلىهم
يتطلب "وساطة قبلية" تضمن موافقةالعزازمة على استقبال أحد
الصحفيين والحديث معه.
وحتي سائق السياره كان قلقا
من الذهاب إلى المنطقة لعدة أسباب:
أولها أن معظم الطرق الأسفلتية المؤدية إلى الوسط تضررت بشدة
بل انقطعت في اكثر من موضع بفعل السيول الأخيرة.
والسبب الثاني أن المنطقة شهدت خلافات
قبلية قبل زيارتنا لها بيوم واحد ترتب عليها تبادل محدود لإطلاق النار.
وأخيرا فإن الوسط يعانى حالة من
الانفلات الأمنى حيث شهد قبل أيام قليلة حادثة سطو مسلح على إحدى السيارات أسفرت
عن مقتل السائق على ايدى مسلحين.
كلما قطعت السيارة المزيد من الكيلومترات داخل وسط سيناء، انقطع اتصالنا
بالعالم الخارجي، فراديو السيارة لم يعد قادرا على استقبال اى إذاعات بينما توقفت
عن العمل شبكات المحمول المصرية لتحل محلها على شاشات الهواتف المحمولة، شركة Orange الاسرائيلية مع رسالة تقول:
"أهلا بك في إسرائيل .. لاستقبال المكالمات على شبكة أورنج تكلفك الدقيقة 4
جنيهات والرسالة جنيهين .. استمتع بإقامتك".
توقفت السيارة عند "المقعد" الخاص بقبيلة العزازمة
– مكان استقبال الضيوف عند البدو وعادة
ما يبعد عن منزل البدو 40 مترا ويحق للضيف البقاء فيه أى عدد ممكن من الأيام. طلب
منى "الدليل" الانتظار حتى يخبر الشيخ سالم أبو جنب، شيخ قبيلة العزازمة
بقدومي ويستأذن لى بالدخول.
وافق الشيخ سالم، وبدأ بالحديث عن
مشكلة البدون جنسية بين أبناء قبيلته معتبرا إياها المشكلة الأهم، وقال:
"نطالب بتجنيس العزازمة
بالجنسية المصرية .. نحن الآن بلا
جنسية وممنوعون من السفر خارج مصر بل لا نستطيع الخروج من سيناء، ومَن
يسافر منا يتم إعادته ... حتى فريضة الحج نعجز عن أدائها".وأضاف الشيخ:
"نعيش على الأراضي المصرية منذ أيام الشيخ عيد أبو رتيمة". الشيخ
أبورتيمة هو أحد شيوخ العزازمة
قبل عام 1948 وحتى حكم الرئيس عبد
الناصر.
يستكمل عودة سويلم ما بدأه الشيخ أبو
جنب، ويوضح أن عدد أبناء قبيلةالعزازمة داخل الأراضي المصرية يبلغ 5 آلاف فرد،
ويحمل 3 آلاف منهم الجنسية المصرية، بينما ما زال ألفين بلا جنسية، ويحملون بدلا
منها ما يسمى بـ"وثيقة سفر" مكتوب داخلها أن حاملها "غير معين
الجنسية من أصل فلسطينى".
ويضيف: "نعاني من
مشاكل عديدة أهمها أننا لا نستطيع استخراج شهادة ميلاد لأطفالنا أو حتى شهادات
وفاة أو رخصة قيادة أو نتملك بيتا".
بدون هوية
ووفقا لأبناء القبيلة فإن "وثيقة
السفر" الحالية بدأت بشكلها الحالي في مطلع 2001، بينما كانت مجرد ورقة من
"الكرتون" مكتوب عليها اسم الشخص، واسم الشيخ المصري الذى يضمنه على
الأراضي المصرية، وتلك الوثائق القديمة والجديدة يجددها أبناء العزازمة بشكل سنوي من مديرية الأمن بشمال سيناء مقابل
200 جنيه للفرد.
سنوات من الانتظار
سنوات من الانتظار
زاد وعي العزازمةخلال
السنوات العشر الأخيرة بأهمية الحصول على الجنسية المصرية، وتعددت مطالباتهم
للمسؤولين المصريين إلا أن الرد الدائم هو الانتظار لأن الوقت لم يحن بعد.
ويقول الشيخ سالم أبو جنب:
"انتظرنا خمس سنوات ثم عشر أخرى لكن أحدا لم يلتفت لمشكلتنا". أول رد
فعل للعزازمة كان في مارس 1999 عندما تحرك أبناء القبيلة ليلا، ودخلوا إلى صحراء
النقب في إسرائيل احتجاجا على تجاهل السلطات المصرية لمطالبهم المتعلقة بالجنسية والخدمات.
عادت القبيلة مرة أخرى إلى الأراضي
المصرية بعد أن استجاب المسؤولين لمطالبهم على مستوى الخدمات، وفي أضيق الحدود. ما
قامت بهالعزازمة في 1999، يفسره أشرف الحفني، أمين حزب التجمع بشمال سيناء، بأنه لجوء
إلى أقاربهم في صحراء النقب حيث يعيش عدد كبير من أبناء قبيلة العزازمة،ويقول الحفني: "لا يجوز أن
نحرمهم من المواطنة ثم نطالبهم أن يكونوا مواطنين"، ويتساءل: "كيف أكون
مواطنا بلا أرض وبلا سكن وبلا عمل وبلا خدمات".
هدأ العزازمةلعدة
سنوات، وتراجعت حدة مطالبتهم بالجنسية المصرية لكنهم عادوا للمطالبة بها من جديد
في مطلع 2010، عندما طلبوا من وزارة الداخلية ومصلحة الجوازات والهجرة، منحهم
الجنسية المصرية إلا أن طلبهم قوبل بالرفض.
يفكر العزازمةالآن
في اللجوء للقضاء في خطوة لو تمت ستكون الأولى في تاريخ المحاكم المصرية وفقا لسيد
فتحى، مركز الهلالي للحريات، حيث لم يشهد القضاء المصري قضية بدون جنسية من قبل.
أعطوهم
الجنسية المصرية
إذن كيف تبدو فرص العزازمة
في الحصول على الجنسية المصرية؟ .. يقول سيد فتحى، المحامي بمركز
الهلالي للحريات، إنه طبقا لإعمال مبدأ المساواة في الدستور، يحق لأبناء قبيلة العزازمة
غير معينى الجنسية مساواتهم بأبناء القبيلة الحاصلين على الجنسية
المصرية،
ويضيف فتحى أنه في حالة حصول العزازمة
على حكم من المحكمة سيكون ملزما وواجب
التنفيذ لكن المشكلة أن وزارة الداخلية تمتنع عادة عن تنفيذ الأحكام المتعلقة
بقضايا الجنسية،
وعن الأسباب يقول فتحي: "امتناع
الداخلية يكون ورائه حسابات سياسية". ترجع الحسابات السياسية التى قصدها سيد
فتحى إلى قرار اتخذته معظم الدول العربية بعدم منح الفلسطينيين جنسيات الدول
العربية المقيمين فيها حفاظا على هوية الشعب الفلسطيني، ومنع تسربه خارج فلسطين.
لكن أشرف العناني يرى أن تلك الحسابات
لا تنطبق على العزازمة،
فهم مجرد ألفى بدوي بدون جنسية، ومنحهم الجنسية المصرية "كوضع استثنائي"
لن يؤثر على التوازن الجيوسياسي للتركيبة الفلسطينية، والواقع ايضا يقول أنهم
ولدوا في مصر، وعاشوا على أرضها منذ سنوات طوال.
يعود بنا العناني إلى ما اسماه
بـ"حقل الألغام"، فهو يؤيد منح العزازمةالجنسية
المصرية لأنه الحل الأفضل لمصر وللعزازمة من الناحية الإنسانية والأمنية. في
المقابل قد يعارض البعض منح العزازمة
الجنسية مستندا إلى عمل بعض أبناء
القبيلة في النقب كقصاصي أثر مع سلاح حرس الحدود الاسرائيلى "شمار جفول" أو مع الكتيبة
البدوية .
إلا أن العناني يرد بأن هؤلاء لا
يمثلون إلا عدد قليل من أبناء قبيلة عانت ويلات المذابح، والتشريد، والتهجير على أيدى
قوات الاحتلال الاسرائيلية، ويقول: "أكرر مرة أخرى لا يوجد بدوي سواء منالعزازمة
أو غيرها يحب إسرائيل"،
ويضيف: "خرج من العزازمة العديد من المناضلين ضد الاحتلال الاسرائيلي نذكر منهم الحاج
حسينالعزازمة الذى قضى سنوات في سجون الاحتلال". وينهى العناني حديثه قائلا:
"دعنا نكون حياديين .. أليست عملية فدائية نفذها العزازمة
ضد الاحتلال هى السبب في الوضع الحالي؟!".
يتسلم سيد فتحى طرف الحديث مؤكدا على
حق العزازمة
في الحصول على الجنسية المصرية لأن الوضع
الحالي يضعهم خارج الإطار الرسمي للدولة، وتحديدا الاطارين القانوني والاجتماعي،
ويرى المحامي بمركز الهلالى للحريات أن وضعالعزازمة بدون جنسية يعد مصادرة لحقهم
في الحياة بالمعنى الاجتماعي بل يصل إلى مستوى الاعدام الاجتماعي على مدار الأجيال
المتعاقبة ومصادرة لحقوقهم في الصحة والتعليم والعمل.
المصدر : البديل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق